Saturday, June 07, 2014

علاقة المرأة بالدين... نضال تاريخي قديم (Dr. Pamela Chrabieh - My Interview)

فيما كرّمت مجتمعات كثيرة المرأة وقَدّرتها، اعتبرتها مجتمعات أخرى مجرّد وسيلة لاستمرار البشرية. لكن عندما يتدخّل الدين تختلف الأمور كثيراً، فما العلاقة التي تجمع المرأة والمجتمع والدين؟


لمناقشة هذا الموضوع، كان لـ«لجمهوريّة» حديث مع الدكتورة والباحثة في علوم الأديان والكاتبة والناشطة في حقوق المرأة، باميلا شرابيّة، شرحت خلاله مفهوم المرأة في آسيا الغربيّة ومدى تأثير الدين فيه، والسبل التي اعتمدتها النساء للحصول على حقوقهنّ، موضحةً أنّ «أيّ تحقيق تاريخيّ عن حياة المرأة في الماضي، يتضمّن كثيراً من التأويل والتخمين. والسبب أنّ أكثرية المراجع كتبها رجال».

وقالت: «أولَت بعض المجتمعات والأديان المرأة أهمّية كبرى، فيما نظرت إليها مجتمعات أخرى على أنّها أقلّ مستوى من الرجل، واعتبرتها أحياناً للزينة، وكانت البُنية الأبويّة هي القاعدة في معظم الأحيان». ولكن مع ذلك فقد عرفت النساء أحياناً المساواة مع الرجل «ولا سيّما في الوظائف الدينيّة (الكاهنات) والسياسيّة (الملكات) والإجتماعيّة والقانونيّة المتعلّقة بدخل الزواج والإرث ومعاملات بيع الممتلكات وشرائها»، وفق شرابية.

عقائد وممارسات

الى ذلك، أشارت شرابيّة إلى أنّ «الدين أدّى دوراً مهماً ومهيمناً في صوغ المفاهيم والعقائد والممارسات السياسية والإجتماعية في غرب آسيا، أكان في الماضي أو في الحاضر». ولاحظت الباحثة في علوم الاديان أن «ثمّة علاقة بين الميثولوجيا الوثنيّة والشعائر الدينيّة التي ميّزت مركز الآلهة وأحوال النّساء الجيدة في بعض المجتمعات القديمة، وعلاقة بين هيمنة إله يتمتع بخصائص ذكوريّة وأحوال النّساء القانونيّة المتدنّية».

تراجُع النفوذ

وعن أكثر الدول في آسيا الغربيّة احتراماً لحقوق المرأة، تكلّمت شرابيّة عن حضارة سومر التي كانت تُعرف بنوع من المساواة إضافة إلى حقبات معيّنة من تاريخ بلاد ما بين النّهرين، لافتةً الى أنّ «نفوذ المرأة شهد تراجعاً حاداً في العصر الأشوري، فيما تمتّعت بقدرٍ من الإستقلاليّة في مصر القديمة، وتحررت في مسائل كثيرة في عصر الدولة الحديثة».

وتابعت المناضلة في حقوق المرأة باميلا شرابية حديثها موضحةً انّ «المرأة شغلت سابقاً وظيفة المتعبّدة الإلهيّة وهي وظيفة كهنوتيّة رفيعة، واحتلّت مراكز مهمة في السلطة السياسيّة، ومارست النشاط الاقتصادي... أمّا في الحاضر، فشهدت أحوال النساء في العراق تراجعاً بسبب الحرب والتخلّف والفقر والحركات الأصوليّة، وإنّ وضعهنّ في مصر ليس أفضل».

ولدى سؤالها عن مدى مساعدة الدين المرأة في نيلها حقوقها، أجابت: «ساهمت بعض العقائد والممارسات الدينيّة في الماضي والحاضر في حصول المرأة على حقوق معينّة والحفاظ على كرامتها، والعكس صحيح». وقالت: «إنّ المطالبة بالحقوق ضمن حركات نسائية لم يحصل قبل القرن التاسع عشر مع النهضة العربية والنهضة الأوروبية».

الحركات النسائيّة

وفي هذا السياق، تطرّقت شرابيّة الى موضوع تنوّع الحركات النسائيّة على الصعيدين العالمي والمحلي، موضحة أنّ «ثمّة حركات تتعارض مع تقاليد دينية يهوديّة ومسيحيّة وإسلاميّة وتعتبرها مصدراً للتخلّف ولعبوديّة المرأة، وهي غير مقبولة. ومنها مثلاً التعرّي واستخدام الجسد للمطالبة بالحقوق». إنّ هذا التنوّع مفيد لتطوّر الفكر والمجتمع، ولكنه سيف ذو حدّين، وفق ما أوضحت الباحثة في العلوم الدينية.

هل الدين رادع؟

وعمّا إذا كان الدّين يشكّل رادعاً للمرأة ويمنعها من المطالبة بحقوقها، أجابت شرابيّة: «يمكن أن تشكّل قراءات وتفسيرات ضيّقة للنّصوص المقدّسة في الديانات السماويّة رادعاً لبعض النساء فيمتنعن عن المطالبة بالمساواة، خصوصاً عندما يقتنعن بأنّ الرجل هو رأس العائلة والمجتمع، والمرأة أساس الخطيئة، وطهارة جسد المرأة وعفّتها وتطبيقها الشرائع الدينيّة ضمان شرفها وشرف العائلة... لذلك فإنّ النساء مدعوّات إلى تأكيد فَهمنّ الصحيح والمتجدّد لواقع الدين». وتابعت: «في مجتمعات كثيرة أكّدت المرأة قدرتها على قراءة التاريخ وتفسير التجربة البشريّة.

أخيراً، تستطيع المرأة أن تساعد الرجل في تحرير نظرته الذكوريّة إلى التاريخ، وأن تضع اللاهوت في خدمة الشعوب لدعم نضالها في تحقيق العدالة والسلام، ما دام هدفها التحرر والمساواة».


وختمت شرابيّة حديثها قائلة: «على النساء والرجال التعاون في سبيل كسر حلقة الحرب، وبناء ثقافة سلام ومساواة، وتطوير المجتمع تربويّاً وسياسيّاً واقتصادياً، وإصلاح الفكر الديني وعلاقة الدين بالسياسة».




2 comments: