Monday, August 26, 2013

ما لا يقتلك يجعلك أقوى

باميلا شرابيه: ما لا يقتلك يجعلك أقوى

الإثنين 26 آب 2013،   آخر تحديث 17:09نانسي هيكل
"ما دامت الطائفية تسيطر على نظامنا الاجتماعي والسياسي، سأظل أقاتل عيوبها"، هذا ما أشارت اليه الدكتور في علوم الأديان والناشطة في المجتمع المدني ومؤسسة "Red Lips High Heels"، باميلا شرابيه في حديث خاص مع "النشرة الاقتصادية"، تناول موضوع نشاطها في الدفاع عن الانسان والمرأة، اضافة الى تطلعاتها المهنية ورأيها في واقع المرأة اللبنانية اليوم في ظل المجتمعات التقليدية.

هي باحثة، وكاتبة، ومؤلفة للعديد من الكتب، ورسامة، ومدونة الكترونية، وناشطة من أجل السلام، وحقوق الإنسان والمرأة. كما كانت محاضرة في جامعة سيدة اللويزة "NDU" وجامعة القديس يوسف "USJ"، وجامعة مونتريال في كندا. وهي اليوم أستاذة جامعية في جامعة الروح القدس – الكلسليك "USEK" منذ العام 2008.

حازت باميلا شرابيه على إجازة في الفنون التشكيلية والفنون الدينية من جامعة الـ"ALBA"، وماجستير ودكتوراه في اللاهوت وعلوم الأديان، كما حصلت على العديد من الجوائز الإقليمية والوطنية في كندا قبل عودتها إلى لبنان في الفترة ما بين 2006 و2007، مثل جائزة "قوات كيبيك المستقبلية"، "Prix Forces Avenir du Quebec"، قبل أن تطلق عام 2012 مبادرة "Red Lips High Heels" الالكترونية، للدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، في لبنان والشرق الأوسط.

- كيف تعرّفين "Red Lips High Heels"؟

"Red Lips High Heels" هي عبارة عن مدونة الكترونية ومبادرة للدفاع عن حقوق الانسان عامة والمرأة خاصة وإحلال السلام بين البشر. هذه المبادرة هي جزء من عملية طويلة من نضالي المستمر، منذ طفولتي. فأنا ناشطة في المجال الاجتماعي منذ أكثر من 20  عاما، وانتسبت الى الكشافة خلال أيام المراهقة، وكنت جزءا من الحركات النسائية والروحانية في مونتريال. كما انضممت الى عدد من الجمعيات والمنظمات مثل "Ligue des droits et libertés du Québec"، و"Amnesty International"، واللجنة الإقليمية للحوار المسلم - المسيحي في كيبيك، و"نحو المواطنية"، والمجموعة العربية للحوار المسلم – المسيحي، وغيرها.

وتجمع "Red Lips High Heels" عددا من الأفراد من مختلف الخلفيات العرقية والدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط ولبنان، وأيضا في بلاد المهجر. وتقرب وجهات النظر بين الأكاديميين والمحامين وعلماء النفس والفنانين والمربين والعاملين في القطاعين العام والخاص، اضافة الى سيدات الأعمال وربات البيوت والطلاب.

فالنساء والرجال، من هويات جنسية مختلفة، يعملون من أجل القضية نفسها، وهي تحسين أوضاع وأدوار وحقوق الانسان بشكل خاص والنساء بشكل عام في لبنان.

- لماذا أطلقت هذا الإسم على المدونة؟

"Red lips" أي الشفاه الحمراء هي رمز للحيوية، وقبول الذات، والتحول، والشجاعة، ورباطة جأش، والثقة بالنفس، والبراعة. حتى أن فكرة وضع أحمر الشفاه تشكل مصدر قوة، وتلفت انتباه الناس إلى الفم، وفيما بعد، الى الصوت الذي يخرج منه. وهنا سيخرج الصوت الذي عانى طويلا من الاضطهاد، والذي يطالب بحقوقه المسلوبة منه.

أما بالنسبة الى الكعب العالي، "High heels"، فمن الصحيح أنها تجسد الترفيه، والتكلف والنشاط الجنسي، لكن في هذه الحالة، هي تمثل القوة التي تكمن في الأنوثة وفي الإنسانية. فالسلطة التي تولد من خلال المشي بالكعب العالي، تظهر موقف الاستقامة الدائمة ضد الخوف والمحرمات، ورفض الخضوع، والبحث عن التوازن بين المظهر والعقل.

- ما هي أبرز أهداف "Red Lips High Heels"؟

نسعى من خلال هذه المبادرة الى نسيان كافة الجوانب التقليدية عن المرأة والعلاقات الإنسانية في لبنان والشرق الأوسط، وبناء المعرفة البديلة. كما نهدف الى التوعية والتمكين، وتفكيك المحرمات والتعصب والصور النمطية، والنضال ضد الخوف، وبناء ونشر المعرفة التطبيقية استنادا إلى الخبرات، والممارسات، والقصص الشخصية، والى الدراسات العلمية والأكاديمية، وثقافة الشراكة المتساوية بين الهويات المختلفة، اضافة الى إنشاء منصة من الثقافات المتنوعة.

كما أن الهدف هو تأمين مساحات حيث يتشارك الأفراد في الكتابة والقراءة والتعليق على المحتوى من مختلف وجهات النظر، وتسهيل الحوار والشراكة عبر الاختلافات. اذ أعتقد أنه يجب تفكيك المحرمات الاجتماعية، وبناء الحوار ونشر السلام والمعرفة حول حقوق الإنسان وكيفية تطبيقها.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

سأتابع مشاركتي في التعليم الأكاديمي، وسأسعى الى التوسع في مجال المنصة الألكترونية التي قمت بتأسيسها "Red Lips High Heels".

لقد طلب مني أن أدخل مجال السياسية التقليدية في لبنان، ولكن بصراحة، ما دامت الطائفية تسيطر على نظامنا الاجتماعي والسياسي، سأظل أقاتل عيوبها وأناضل من أجل الإصلاح.

- هل واجهت صعوبات خلال مسيرتك المهنية؟

واجهت الكراهية نحو النساء، الضمنية والواضحة، اضافة الى التمييز على أساس الجنس، وليس فقط كناشطة، ولكن أيضا باعتباري أكاديمية في المجال الديني والذي يعتبر، في بلدنا، ومنطقة الشرق الأوسط،  حكرا على "رجال" الدين.

- ما الذي ساهم برأيك في نجاحك؟

أهم ما ساعدني على المضي قدما في حياتي المهنية هو إرادتي، وتجاربي الحياتية، وكفاءاتي، والقدرة على معرفة حدودي، والوقوف على قدمي عندما أقع، فما لا يقتلك يجعلك أقوى. اضافة الى الرغبة الشديدة في احداث فرق، خاصة في موضوع المعاناة الإنسانية، فهدفي هو ضمان مستقبل أفضل، وتقديم الدعم المعنوي لقرائي وطلابي.

- ما هي المعوقات التي تقف حاجزا أمام تقدم المرأة اللبنانية؟

الحروب والاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية والظلم الاجتماعي، تؤثر على وضع المرأة، اضافة الى الانحطاط الفكري، والعقلية الذكورية. فالمجتمعات الذكورية تصر على أن يكون مثلا رؤساء الدول ذكور، وكل صناع القرار وأصحاب المراكز من الذكور أيضا. كما تسود بعض المعتقدات أنه من السليم في المنزل أن يأمر الرجل والمرأة تطيع.

- هل تعتقدين أن وضع المرأة تقدم اليوم؟

لا يمكن إنكار التقدم المحرز منذ بداية القرن الـ20، مع المبادرات المحلية والتحركات النسائية، والمنظمات والجمعيات. ومع ذلك، لا يزال لبنان في المراتب الأخيرة في تصنيفات دول العالم، في مجال حقوق الإنسان، وحقوق المرأة. فالوضع الحالي للمرأة اللبنانية هو بالاجمال العيش في إطار من التمييز والقهر.

- هل تظنين أن قانون حماية النساء من العنف الأسري الذي أقر مؤخرا في لبنان سيقلل من عدد النساء المعنفات؟

لا أعتقد أن هذه النسبة ستنخفض ان لم يكن القانون مصحوبا بالتربية الأسرية والتربية الوطنية حول حقوق الإنسان، وبرامج تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا في المدن والمناطق الريفية، وعقلية الانتقال من ثقافة العنف إلى ثقافة السلام، وإعادة تفسير العديد من القوانين الدينية المتعلقة بالأحوال الشخصية اللبنانية، وإصلاح النظام الاجتماعي والسياسي القائم، وتطبيق القانون بطريقة صحيحة أي عدم اغراقه بفساد الرشاوى والمحسوبيات.

- في النهاية بماذا تنصحين المرأة اللبنانية؟

هناك نساء يحلمن بأن يكن ربات منزل، وأخريات يجمعن بين الحياة المهنية والحياة العائلية والأمومة، كما هناك من يفضلن التركيز على مهنتهن فقط. في جميع هذه الحالات، من الممكن للمرأة أن تنجح، طالما أنها هي من اختارت الطريق بحسب قناعاتها الخاصة، وليس تحت ضغط الأسرة أوالمجتمع أوالتقاليد الدينية.
لذلك أقول للمرأة، أيا كان اختيارك، لا تستسلمي وطوري ثقتك بنفسك لتحقيق أهدافك. أوقفي تخريب ذاتك، وفكري بتوظيف هذه الذات. ما عليك الا أن تؤمني بقدراتك كي تحصلي على ما تريدينه.